فصل: كتاب القضايا:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: اختلاف الأئمة العلماء



.باب كفارة اليمين:

اتفقوا على أن الكفارة إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، والحالف مخير في أي ذلك شيئا، فإن لم يجد شيئا من ذلك انتقل حينئذ إلى صيام ثلاثة أيام.
ثم اختلفوا هل يجب التتابع في الصوم؟
فقال أحمد وأبو حنيفة: يجب.
وقال مالك لا يجب.
وعن الشافعي قولان، جديدهما: أنه لا يجب التتابع، وقديمهما يجب، وله اختار المزني.
فإن وجب على المرأة الصوم في كفارة اليمين فصامت، ثم حاضت في بعض الأيام أو مرضت في بعض الأيام.
فقال أبو حنيفة: يبطل التتابع بهما.
وقال أحمد: لا يبطل التتابع بهما.
وقال الشافعي: يبطل التتابع في الحيض وفي المرض قولان.
وقال مالك: باق على أصله من كونه لا يجب التتابع.
وأما الإعتاق فأجمعوا على أنه لا يجري فيه إلا عتق رقبة سليمة من العيوب خالية من شركة أو عقد عتق أو استحقاق.
إلا أبا حنيفة فإنه لا يعتبر فيها الإيمان.
قلت: وأما هذه الشروط فإن الله سبحانه قال: {أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} وهذا الكلام يفهم منه أنها تكون كاملة خالية من شركة، إذ لو عتق رقبة مشتركة لكان قد أعتق بعض رقبة، وكذلك في أنه يتناول أن تكون سليمة الأطراف غير معيبة عيبا يهدم منفعة من منافعها لأن الرقبة تستعمل ويراد بها الجملة لأنهم يقولون: ملك كذا وكذا رقبة، إذا ملك كذا وكذا إنسانا، والله مالك رقاب العباد، فهو نطق يتناول جملتهم، فإذا أطلق في عتق الرقبة، وقد كان عدم من تلك الرقبة جزءا فإن المعتق لا يكون حينئذ قد أعتق رقبة يشتمل نطقها على كمالها بل يكون كمن أعتق رقبة إلا جزءا أو جزأين أو غير ذلك، فأما أن تكون مؤمنة، فإني أرى هذا النطق يستفاد منه أن لا تكون مؤمنة لأن العتق حينئذ في لغة العرب الخلوص. وكذلك يقال: فرس عتيق إذا كان خالصا لم يشبهه هجنة، فإذا أعتق نفسا هي رهن بدخول النار فكأنما أخرج في عتقه نفسا مرهونة عن حق هو أعظم من الحق الذي انتقلت إليه، ولان العتق إنما يراد به تخليص رقبة المعتق لعباده الله. فإذا أعتق رقبة كافرة فكأنه إنما فرغها لعباد إبليس وخلصها من شغل الخلق لها من عبادة الأوثان إلى العكوف عليها، فكأنه لا يفهم منها إلا مؤمنة. وأيضا أن العتق قربه إلى الله على سبيل الحمل والهدية أفيحسن أن يتقرب إليه سبحانه بعبد كافر كانت رقبته مشغولة بالرق فخلصها منه لتشرك به تعالى.
وأجمعوا على أنه لو أطعم مسكينا واحدا عشرة أيام فإنه لا يحسب له إلا بإطعام واحد.
إلا أبا حنيفة فإنه قال: يجزئه عن عشرة مساكين.
واختلفوا في مقدار ما يطعم لكل مسكين؟
فقال مالك: مد بالمدينة إذا أخرج الكفارة فيها، وفي بقية الأمصار وسط من الشبع وهو رطلان بالبغدادي، وشيء من الأدم.
فإن اقتصر على مد أجزأه.
وقال أبو حنيفة: إذا اخرج جزءا اقتصر بصاع، وإن أخرج شعيرا أو تمرا فصاع، ولم يعتبر بلدا دون بلد.
وقال أحمد: لكل مسكين شعيرا أو تمرا.
وقال الشافعي: لكل مسكين مد.
فأما الكسوة فهي مقدرة لكل مسكين، بأقل ما تجزى به الصلاة عند مالك وأحمد.
ففي حق الرجل ثوب كالقميص والإزار، وفي حق المرأة قميص وخمار، فيجزى في حق الرجل ثوب واحد، ولا يجزى في حق المرأة أقل من ثوبين، وبأقل ما يقع عليه الاسم عند الشافعي وأبي حنيفة.
وقال أبو حنيفة: اقل ما يقع عليه الاسم قباء أو قميص أو رداء أو كساء، فأما العمامة والمنديل والسراويل والمئزر فلهم فيه روايتان.
وقال: تجزئ جميع ذلك، وفي القلنسوة وجهان لأصحابه ولا يختلفون أن الخف والنعل لا يجزى في الكسوة.
وأجمعوا على أنه إنما يجوز دفعها إلى الفقراء المسلمين الأحرار.
وفي الصغير المتغذي بالطعام يدفع إلى وليه، فأما الصغير الذي لم يطعم الطعام.
فقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: يصح أيضا أن يدفع لوليه.
وقال أحمد: لا يصح ذلك.
وقال أحمد: لا يصح ذلك.
واتفقوا على أنه لا يجوز دفعها إلى ذمي.
إلا أبا حنيفة فإنه قال: يجوز أن يدفعها إلى فقراءهم.
واتفقوا على أنه لا يجوز إخراج القيمة إلى على الطعام والكسوة.
إلا أبو حنيفة فإنه أجازه.
واختلفوا فيما لو أطعم خمسة وكسا خمسة.
فقال أحمد وأبو حنيفة: يجزئه.
وقال الشافعي ومالك: لا تجزئه.
وكذلك اختلافهم فيما إذا أطعم من جنسين فأطعم خمسة برا وخمسه تمرا، أو خمسة برا وخمسة شعيرا.
واختلفوا فيما إذا كرر اليمين على شيء واحداً، وعلى أشياء وحنث.
فقال أبو حنيفة ومالك وأحمد في إحدى الروايتين: عليه بكل يمين كفارة سواء كانت على فعل واحد أو على أفعال.
إلا أن مالكاً اعتبر إرادة التأكيد فقال: إن أراد التأكيد فكفارة واحدة، وإن أراد الاستئناف فلكل يمين كفارة.
وعن أحمد رواية أخرى عليه كفارة واحدة في الجميع وهي الجميع، وهي التي اختارها أبو بكر عبد العزيز من أصحابه، وظاهر كلام الخرقي في أنه إذا حلف بها على أشياء مختلفة ففي كل واحد منها كفارة، وإن كان على شيء واحد فكفارة واحدة.
وقال الشافعي: إن كانت على شيء واحد، ونوى بما زاد على الأولى التأكيد فهو على ما نوى، ويلزمه كفارة واحدة، وإن أراد بالتكرار الاستئناف ففي الكفارة قولان، أحدهما: كفارة واحدة، والثاني: كفارتان وإن كانت على أشياء مختلفة فكفارات لكل شيء منها كفارة.
واختلفوا فيما إذا أراد العبد التكفير بالصيام فهل يملك سيده منعة؟
فقال الشافعي: إن كان سيدة أذن له في اليمين والحنث لم يكن له منعه، وإن لم يأذن له فيهما كان له منعه.
وقال أحمد: ليس لسيده منعة على الإطلاق.
وقال أصحاب أبي حنيفة: لسيده منعه من ذلك سواء كان أذن له أو لم يأذن إلا في كفارة الظهار فإنه ليس له منعة.
وقال مالك: إن أضر به الصوم كان لسيدة منعة وإن لم يضر به فلا يمنعه وله الصوم من غير إذنه إلا في كفارة الظهار. فليس له منعه منها مطلقا.

.باب النذر:

اتفقوا على أن النذر ينعقد بنذر الناذر إذا كان في طاعة، فإما إذا نذر أن يعصي الله تعالى.
فاتفقوا على أنه لا يجوز أن يعصي الله.
ثم اختلفوا في وجوب الكفارة به، وهل ينعقد؟
فقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: لا ينعقد نذره ولا يلزمه به كفارة.
وعن أحمد روايتان، إحداهما: ينعقد ولا يحل له فعلة وموجبه كفارة، والأخرى: لا ينعقد ولا يلزمه كفارة كالباقين ولأصحاب الشافعي في وجوب الكفارة فيه وجهان.
واتفقوا على أنه إذا كان النذر مشروط بشيء فإنه يحنث بحصول ذلك الشيء.
وأجمعوا فيما إذا قال: إن شفا الله مريضي فمالي صدقة.
فقال أصحاب أبي حنيفة: يتصدق بثلث جميع أمواله الزكوية استحسانا قالوا: وهو القياس.
ولهم قول آخر يتصدق بجميع ما يملكه.
ولم يحفظ عن أبي حنيفة فيها نص.
وقال مالك: يتصدق بثلث جميع أمواله الزكوية وغيرها.
وقال الشافعي: يتصدق بجميع ما يملكه.
وعن أحمد روايتان، إحداهما: يتصدق بثلث جميع أمواله الزكوية وغيرها، والأخرى: يرجع في ذلك إلى ما نواه من مال دون مال.
واختلفوا فيما إذا قال على وجه اللجاج والغضب: إن دخلت الدار فمالي صدقة أو علي حجة أو صيام سنة ففعل المحلوف عليه.
فقال أبو حنيفة في إحدى الروايتين عنه: يلزمه الوفاء بما قاله ولا يجزئه الكفارة.
والرواية الأخرى: يجزئه عن ذلك كفارة يمين.
قال محمد بن الحسن: ورجع أبو حنيفة عن القول الأول إلى القول بالكفارة.
وقال مالك: يلزمه في الصدقة أن يتصدق بثلث ماله ولا يجزئه الكفارة عنه.
وفي الحج والصوم يلزمه الوفاء بما قاله لا غير.
وعن الشافعي قولان: أحدهما: يجب الوفاء، والآخر: هو مخير إن شاء وفا بما قاله، وإن شاء كفر كفارة يمين.
وعن أحمد روايتان: إحداهما: هو مجير بين أن يكفر كفارة يمين، وبين أن يفي بما قال.
والأخرى: الواجب بما قال: الكفارة لا غير.
واختلفوا فيمن نذر منذرا مطلقا.
فقال أحمد ومالك وأبو حنيفة: يصح ويلزمه كلزوم المطلق وفيه كفارة يمين.
وقال الشافعي في إحدى قوليه: لا يصح حتى يعلقه بشرط أو صفة فيقول: أن كان كذا فعلى كذا، وفي القول الآخر: يصح ويلزمه كلزوم المعلقة.
واختلفوا فيما إذا نذر ذبح ولده.
فقال مالك وأبو حنيفة وأحمد في أظهر روايتيه: يلزمه أن يذبح شاة ويتصدق بلحمها كالهدي.
وعن أحمد رواية أخرى: يلزمه كفارة يمين.
وقال الشافعي: لا يلزمه شيء.
واختلفوا في النذر المباح هل ينعقد مثل قوله: لله علي أن اركب دابتي، أو ألبس ثوبي.
فقال مالك وأبو حنيفة والشافعي: لا ينعقد ولا يلزمه شيء.
وقال أحمد: ينعقد ويكون مخيرا بين الوفاء بما التزم وبين تركه وتلزمه الكفارة لتركه.
وقال بعض أصحاب الشافعي: يلزمه كفارة يمين بمجرد اللفظ لا بالحنث.
واختلفوا فيما إذا نذر أن يصلي في المسجد الحرام.
فقال أبو حنيفة: يجزئه أن يصلي أين شاء من المساجد.
وقال مالك وأحمد والشافعي: يلزمه أن يصلي فيه، ولا يجزئه صلاته في غيره.
واختلفوا فيما إذا نذر الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بيت المقدس أو المشي إليهما.
فقال أبو حنيفة: لا يلزمه ولا ينعقد نذره.
وقال أحمد ومالك: يلزمه ذلك وينعقد.
وعن الشافعي كالمذهبين.
واختلفوا فيما إذا نذر صلاة.
فقال مالك وأبو حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين: يلزمه ركعتان.
وعن أحمد رواية أخرى: تلزمه ركعة.
وعن الشافعي كالمذهبين.

.كتاب القضايا:

واتفقوا على أنه لا يجوز أن يتولى القضاء من ليس من أهل الاجتهاد.
إلا أبا حنيفة فإنه قال: يجوز ذلك وإذا مات الإمام أو نائبه ينعزل ولايته في المشهور.
قلت: والصحيح في هذه المسألة أن قول من قال: لا يجوز تولية قاضي حتى يكون من أهل الاجتهاد فإنه إنما عني بذلك ما كانت الحال عليه قبل استقرار ما استقر من هذه المذاهب الأربعة التي أجمعت الأمة عليه على أن كل واحد منها يجوز العمل به لأنه مستند إلى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى سنته.
فالقاضي في هذا الوقت وإن لم يكن أهل من الاجتهاد وإن لم يكن قد سعى في طلب الحديث وإتقان طرقه وعرف من لغة الناطق بالشريعة صلى الله عليه وسلم ما لا يعوزه ما يحتاج إليه فيه وغير ذلك من شروط الاجتهاد، فإن ذلك مما قد فرغ له منه غيره ودأب له فيه، وانتهى الأمر من هؤلاء الأئمة المجتهدين إلى ما أرى جوابه من بعدهم، وانحصر الحق في أقاويلهم، وتدونت العلوم، وانتهت إلى ما اتضح فيه الحق، فإذا على القاضي في أقضيته بما يأخذه عنهم أو عن الواحد منهم فإنه في معنى من كان أداه اجتهاده إلى قول قاله، وعلى ذلك فإنه إذا أخرج من خلافهم متوخيا مواطن الإتقان ما أمكنه كان أخذ بالحرم عاملا بالأولى.
وكذلك إذا قصد في مواطن الخلاف توخي ما عليه الأكثر منهم والعمل بما قاله الجمهور دون الواحد، فإنه قد أخذ بالجزم، والأحسن والأقوى مع سواء أن يعمل بقول الواحد إلا أني أكره له أن يكون ذلك، من حيث أنه قرأ مذهب واحد منهم أو نشأ في بلدة لم يعرف فيها إلا مذهب واحد منهم أو كان شيخه أو معلمه على مذهب فقيه من الفقهاء خاصة فقصر نفسه على اتباع ذلك المذهب حتى أنه إذا حضر عنده خصمان فكان ما تشاجرا فيه مما يعني الفقهاء الثلاث فيه بحكم بحد التوكيل بغير رضا الخصم، وكان الحاكم حنيفا وقد علم أن مالكا وأحمد والشافعي.
واتفقوا على جواز هذا التوكيل.
إلا أن أبا حنيفة لم يجز هذه الوكالة فعدل عن ما أجمع عليه هؤلاء الثلاثة إلى ما ذهب إليه أبو حنيفة بمجرد أنه قال فقيه في الجملة من فقهاء الأتباع له من غير أن يثبت عنده بالدليل ولا أداه الاجتهاد إلا أن ما قاله أبو حنيفة أولى مما اتفق عليه الجماعة، فإني أخاف على هذا أن يكون متبوعا من الله سبحانه وتعالى فإنه اتبع في ذلك هواه، وأن لا يكون ممن لا يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وكذلك إن كان القاضي على مذهب مالك فاختصم إليه في سؤر الكلب مع كونه يعلم أن الفقهاء كلهم قضوا بنجاسته فعدل إلى مذهبه وكذلك إن كان القاضي على مذهب الشافعي فتنازع إليه خصمان في ترك التسمية عمدا.
فقال أحدهما: إن هذا منعني من بيع مذكاة وأفسدها علي، وقال الآخر: إنما منعته من بيع الميتة فقضي عليه بمذهبه وقد علم أن الفقهاء الثلاثة على خلافه، وكذلك لو كان القاضي على مذهب الإمام أحمد فاختصم إليه خصمان.
فقال أحدهما: علي مال، وقال الآخر: قد كان له علي وقضيته فقضى عليه بالبراءة من إقراره، وقد علم أن الفقهاء الثلاثة على خلافه، فإن هذا وأمثاله مما يوحي اتباع الأكثر فيه أقرب عندي الخلاص وأرجح في العمل ويقتضي هذا، فإن ولايات الأحكام في وقتنا هذا ولاية صحيحة، وإنهم قد سدوا ثغرا من ثغور الإسلام سدة فروض كفاية.
وقد أهملنا هذا القول ولم نذكره ومشينا على طريق التغافل التي يمشي من يمشي فيها من الفقهاء الذين يذكر كل منهم في كتاب أبي حنيفة أو كلام إن قال إنه لا يصح أن يكون أصلة قاضيا حتى يكون من أهل الاجتهاد، ثم يذكر من شروط الاجتهاد أشياء ليست موجودة في الحكام فإن ذلك كالأصالة وكالتناقص فكأنه تعطيل الأحكام وسد لباب الحكم وأن لا ينفذ حق ولا يكاتب به ولا تقام البينة عليه إلى غير ذلك من هذه القواعد الشرعية، فكان هذا غير صحيح، وبان أن الصحيح أن الحكام اليوم حكوماتهم صحيحة نافذة وولايتهم جائزة شرعا.
واختلفوا هل القضاء من فرض الكفايات؟
فقال أبو حنيفة ومالك والشافعي: هو من فروض الكفايات ويتعين على المجتهدين الدخول فيه إذا لم يوجد غيرهم.
وقال أحمد في أظهر روايتيه: هو ليس فروض الكفايات ولا يتعين على المجتهد الدخول فيه، وإن لم يؤخذ غيره والرواية الأخرى عنه كمذهب الباقين.
واختلفوا هل يكره القضاء في المسجد.
فقال أحمد وأبو حنيفة ومالك: لا يكره.
وقال مالك: بل هو السنة.
وقال الشافعي: يكره إلا أن يدخل المسجد للصلاة فتحدث حادثة فيحكم فيها.
واختلفوا هل يصح أن تقضي فيما تصح شهادتها فيه؟
واختلفوا في عدد من يقبل القاضي في تفسير الترجمة وتأديته للرسالة والجرح والتعديل والتعريف.
فقال أبو حنيفة وأحمد في إحدى الروايتين: تقبل شهادة الرجل في ذلك كله.
وقال أبو حنيفة خاصة: ويجوز أن تكون امرأة.
وقال الشافعي وأحمد في الرواية الأخرى: لا يقبل أقل من اثنين رجلين.
وقال مالك: إن كان المتخاصم فيه إقرار بمال أو ما يتعلق بالمال قبل فيه رجل وامرأتان، وإن كان إقرار يتعلق بأحكام الأبدان لم يقبل بذلك إلا اثنان رجلان.
واختلفوا في سماع شهادة من لا تعرف عدالته الباطنة.
فقال أبو حنيفة: يسأل الحاكم عن باطن عدالتهم في الحدود والقصاص قولا واحداً وفي ما عدا ذلك لا يسأل عنه إلا أن يطعن الخصم فيه بما لم يطعن فيهم لم يسأل عنه ويسمع شهادتهم ويكتفي بعدالتهم في ظاهر أحوالهم.
وقال أحمد في إحدى روايتيه ومالك والشافعي: لا يكتفي الحاكم بظاهر العدالة حتى تعرف عدالتهم الباطنة سواء طعن الخصم فيهم أو لم يطعن، أو كانت عدالتهم في أحد أو غيره.
وعن أحمد رواية أخرى: أن الحاكم يكتفي بظاهر الإسلام ولا يسأل عنهم على الإطلاق وهي اختيار أبي بكر.
واختلفوا في الجرح المطلق هل يقبله؟
فقال أبو حنيفة: يقبل.
وقال الشافعي وأحمد: لا يقبل حتى يعين نسبه.
وعن أحمد رواية أخرى كمذهب أبي حنيفة.
وقال مالك: إن كان الجارح عالما بما يوجب الجرح مبررا في عدالته قبل جرحه مطلقا، وإن كان غير متضيق بهذه الصفة لم يقبل منه إلا بعد تبين السبب.
واختلفوا في جرح النساء وتعديلهن.
وقال أبو حنيفة: يقبل.
وقال الشافعي وأحمد ومالك: لا مدخل لهن في ذلك.
وعن أحمد رواية أخرى كمذهب أبي حنيفة.
واختلفوا فيما إذا قال المزكي: فلان عدل رضي.
فقال أحمد وأبو حنيفة: يكفي ذلك.
وقال الشافعي: لا يقبل حتى يقول: هو عدل رضا لي وعلي.
وقال مالك: إن كان المذكي عالما بأشياء العدالة قبل قوله في تذكيته عدل ورضا. ولم يفتقر إلى قوله لي وعلي.
واتفقوا على أن كتاب القاضي إلى القاضي من مصر إلى مصر في الحدود والنكاح والطلاق والخلع غير مقبول.
إلا مالك فإنه يقبل عنده كتاب القاضي إلى القاضي في ذلك كله.
واتفقوا على أن كتاب القاضي إلى القاضي من مصر إلى مصر في الحقوق التي هي المال أو ما كان المقصود منه المال جائز مقبول.
واختلفوا في صيغة تأديته التي يقبل معها.
فقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد: لا يقبل إلا أن يشهد اثنان أنه كتاب القاضي إلى القاضي قرأه علينا أو قرأ عليه بحضرتنا.
وعن مالك روايتان إحداهما: كقول الجماعة، والأخرى: أنها إذا قالت: هذا كتاب القاضي فلان المشهود عنده كفء.
وهو قول أبي يوسف.
واختلفوا فيما إذا تكاتب القاضيان في بلد واحد.
فاختلف أصحاب أبي حنيفة في هذه المسألة فذكر الطحاوي منهم أنه يقبل ذلك.
وقال النسفي منهم أيضا: الذي حكاه الطحاوي إنما هو مذهب محمد وأبي يوسف ومذهب أبي حنيفة أنه لا يقبل.
قال النسفي: وهذا هو الأظهر عندي.
وقال أحمد والشافعي ومالك: لا يقبل ويحتاج إلى إعادة التنبه عند الآخر بالحق، وإنما يقبل ذلك في البلد الثانية.